:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الجمعة، يناير 01، 2010

نوم أقلّ وأحلام أكثر


محزن أن يتوقف كاتب مبدع ومؤثر جدّا عن الكتابة بشكل نهائي.
الروائي الكولومبي غابرييل غارثيا ماركيث كتب منذ أيّام وصيّته الأخيرة وضمّنها ما يمكن أن يكون ملخّصا لفلسفته ونظرته إلى الحياة.
والملاحظ أن تلك الرسالة انتشرت على نطاق واسع على الانترنت وترجمت إلى مختلف اللغات.
سبب تقاعد الروائي الكبير عن الكتابة يعود إلى انه يعاني من سرطان الغدد الليمفاوية الذي يبدو انه دخل مراحله الأخيرة مع بلوغه سنّ الحادية والثمانين، ما زاد من معاناة الكاتب وقيّد حركته كثيرا.
في فترة ما ابتعت ثلاثا من روايات ماركيث: "مائة عام من العزلة" و"خريف البطريرك" و"يوميات موت معلَن". قرأت الأولى بمتعة لا توصف، بينما نحّيت الروايتين الأخريين جانبا بانتظار توفّر الوقت الكافي لقراءتهما وهو أمر لم يتحقّق حتى الآن للأسف.
"مائة عام من العزلة" رواية ملحمية عظيمة ويصحّ أن يقال إنها سجلّ مبهر لجوانب من تاريخ وثقافة وأساطير أمريكا اللاتينية. وبعض النقاد يصفها بأنها أشهر وأفضل رواية كتبت بالاسبانية في جميع العصور. وربّما لا يتفوّق عليها في الشهرة سوى رواية دونكيشوت لـ ثيرفانتيس.
بالنسبة لـ ماركيث، قد لا يكون لتوقّفه عن الكتابة ذلك التأثير الكبير عليه، اللهمّ إلا إذا استثنينا عامل الحزن الشخصي الذي يتولّد عن انقطاع متعة الكتابة بالنسبة لشخص لم يعرف طوال حياته سوى التأليف والكتابة. فهو متوقّف عن الكتابة فعليا منذ سنوات. كما قيل انه لم يكتب سطرا واحدا خلال السنوات الأربع الأخيرة. ومن ناحية أخرى، قد لا يضيف له الاستمرار في الكتابة الشيء الكثير بحكم انه استطاع بالفعل من خلال كتبه ورواياته وقصصه القصيرة أن يضمن له مكانة متفرّدة بين أعظم كتّاب ومفكّري هذا العصر.
رسالة ماركيث الوداعية محزنة كما أن فيها نفَسا إنسانيا واضحا لا يُستغرب من شخص مثله. وهو يتمنّى في رسالته لو طالت به الحياة أكثر أو مُنح حياة ثانية كي يعيشها بشكل مختلف.
ويظهر أن هذه أمنية يشترك فيها جميع الناس، يستوي في ذلك الإنسان العادي مع المفكّر والفنان والفيلسوف. غير أن ماركيث لم يكن إنسانا عاديا، فقد عاش حياة ثريّة ومنتجة وانخرط في السياسة والايديولوجيا وكان مقرّبا من رؤساء الدول وفوق هذا وذاك حقّقت له موهبته الأدبية الكبيرة الكثير من المال والصيت والشهرة التي يستحقّها.
يقول ماركيث في رسالة الوداع المؤثّرة التي وجّهها إلى أصدقائه ومحبّي فنّه: لو شاء الله أن ينسى أنني دمية وأن يهبني شيئاً من حياة أخرى، فإنني سوف أستثمرها بكلّ قواي. ربّما لن أقول كلّ ما أفكّر به، لكنّي حتماً سأفكّر في كل ما سأقوله.
سأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثّله، بل لما تعنيه. سأنام قليلاً وأحلم كثيراً، مدركاً أن كلّ لحظة نغلق فيها أعيننا تعني خسارة ستّين ثانية من النور.
سأسير فيما يتوقّف الآخرون، وسأصحو فيما الكلّ نيام. لو شاء ربّي أن يهبني حياة أخرى، فسأرتدي ملابس بسيطة وأستلقي على الأرض، ليس فقط عاري الجسد وإنما عاري الروح أيضا.
سأبرهن للناس كم يخطئون عندما يعتقدون أنهم لن يكونوا عشّاقاً متى شاخوا، دون أن يدروا أنهم يشيخون إذا توقّفوا عن العشق.
سأمنح للطفل أجنحة، لكنّي سأدعه يتعلّم الطيران لوحده. وسأعلّم الكهول أن الموت لا يأتي مع الشيخوخة، بل بفعل النسيان.
لقد تعلّمت منكم الكثير معشر البشر: تعلّمت أن الجميع يريدون العيش في قمّة الجبل غير مدركين أن سرّ السعادة يكمن في تسلّقه.
تعلّمت أن المولود الجديد حين يشدّ على إصبع أبيه للمرّة الأولى فذلك يعني انه أمسك بها إلى الأبد.
تعلّمت أن الإنسان يحقّ له أن ينظر من فوق إلى الآخر، فقط حين يجب أن يساعده على الوقوف.
قل دائماً ما تشعر به وافعل ما تفكّر فيه.
لو كنت أعرف أنها المرّة الأخيرة التي أراكِ فيها نائمة لكنت ضممتكِ بشدّة بين ذراعيّ ولسألت الله أن يجعلني حارسا لروحك.
لو كنت أعرف أنها الدقائق الأخيرة التي أراك فيها، لقلت "أحبّكِ" ولتجاهلت بخجل انك تعرفين ذلك.
هناك دائما "غداً"، والحياة تمنحنا الفرصة لنفعل الأفضل. لكن لو أنني مخطئ وكان هذا يومي الأخير، فإنني أحبّ أن أقول كم أحبّكِ وأنني لن أنساكِ أبداً.
ولأن الغد ليس مضموناً لا للشابّ ولا للمسنّ، ربّما تكون في هذا اليوم المرّة الأخيرة التي ترى فيها أولئك الذين تحبّهم. فلا تنتظر أكثر. تصرّف اليوم لأن الغد قد لا يأتي. ولا بدّ أن تندم على اليوم الذي لم تجد فيه الوقت من أجل ابتسامة أو عناق أو قبلة.
حافظ على من تحبّ بقربك منهم. إهمس في آذانهم أنك بحاجة إليهم. أحببهم واعتنِ بهم وخذ ما يكفي من الوقت لتقول لهم عبارات مثل: أفهمك، سامحني، من فضلك، شكراً، وكلّ كلمات الحبّ التي تعرفها!".

الخميس، ديسمبر 31، 2009

الفنّ الاستشراقي: يقظة بعد سُبات

الفنّ الاستشراقي يعيش الآن حياة ثانية في بلدان الشرق الأوسط بعد فترة طويلة من موت هذا الفنّ في موطنه الأصلي، أي أوربّا.



بدأ الاهتمام بالفنّ الاستشراقي مع حملة نابليون على مصر في العام 1798م. وجاء ازدهاره الحقيقي بعد 40 عاما من ذلك التاريخ. والفضل يعود إلى انتشار خطوط السكك الحديد وتخفيف القيود المفروضة على السفر والتجارة.
بعض الفنّانين الاستشراقيين كانوا يرسمون أعمالهم في عين المكان. لكن مع ازدياد شعبية هذا النوع من الرسم، استطاع آخرون رسم لوحات استشراقية دون أن يغادروا أوطانهم. كانوا ببساطة يستخدمون الكتب المرجعية ويستعينون بنساء من بيئاتهم المحلية يلبسونهنّ ثيابا واكسسوارات مستوردة من بلدان الشرق.



المواضيع التي كانوا يفضّلون رسمها كانت الحصان وسوق الرقيق والمسجد وطبيعة الأرض والخلفاء والمؤذّنين وعبيد النوبة والجنود. وكان هناك موضوع مفضّل آخر يتمثّل في الحريم والمحظيات شبه العاريات. كلّ هذا كان يُرسم بتفاصيل دقيقة وبأسلوب شديد الواقعية عُرف بالأسلوب الأكاديمي الذي ساد في أوربا لعدّة قرون وانتهى تماما مع مجيء المدرسة الانطباعية.
ومع نهاية القرن التاسع عشر، أصبحت الصور الأكاديمية تتمتّع بشعبية جارفة لدى الناس، تماما مثل الأفلام السينمائية هذه الأيام. ومع ازدياد شعبيّتها تطوّرت واقعيّتها الفوتوغرافية وأصبحت مثالية وذات صيغ متكرّرة ومبتذلة أحيانا.



بحلول العام 1910 كان الاستشراق قد اختفى فعليا من المشهد الثقافي الغربي، ليس بسبب موضوعه وإنما بسبب أسلوبه. لكن في منتصف سبعينات القرن العشرين، وهنا تكمن المفارقة، عاد الفنّ الاستشراقي إلى الواجهة متزامنا مع نشر كتاب الاستشراق لـ ادوارد سعيد. في ذلك الوقت ازدادت أعداد مشتري اللوحات الاستشراقية من مواطني الشرق الأوسط. وبين 1972 وأواخر الثمانينات، ارتفعت الأسعار من 3000 دولار إلى نصف مليون دولار للوحة ذات النوعية العالية.
والسبب الأكثر شيوعا لهذه الظاهرة هو ارتفاع أسعار النفط في حقبة السبعينات الميلادية.
وقد بدأت حمّى شراء اللوحات الاستشراقية في أماكن معيّنة مثل شمال أفريقيا وتركيا. وكان من بين المشترين أعداد من مواطني الشرق الأوسط المقيمين في أوربّا.
وبحلول الثمانينات انضمّ مواطنون من الخليج العربي إلى قائمة الراغبين في شراء الفن الاستشراقي، رغم حقيقة أن للإسلام موقفا معروفا من قضيّة تصوير أو رسم البشر.
وقد ذكرت بعض التقارير الصحفية أن سلطان عمان وملك المغرب وبعض السعوديين ومسئولين في دولة قطر، بمن فيهم الأمير الحالي، يملكون مجموعات كبيرة من اللوحات الاستشراقية.



لكن لماذا يختار جامعو الأعمال الفنية من العرب اقتناء مثل هذا النوع من الفنّ الذي يفترض انه يحطّ من شأن العرب ويسيء إلى الثقافة العربية كما يقال أحيانا؟
الواقع أن هناك أعمالا استشراقية محايدة بل وذات قيمة فنّية عالية مثل تلك اللوحات التي رسمها ديفيد روبرتس لطبوغرافية بعض أراضي الشرق الأوسط.
وحتى تلك اللوحات التي تصوّر بشرا لا تخلو أحيانا من تفاصيل معمارية وجغرافية مهمّة.
ويبدو أن بعض هواة جمع مثل هذه اللوحات من العرب يساورهم شعور بأهمّية إبراز "الماضي المجيد" وما كان يحفل به من أحداث أو أنماط حياة وسلوك.



مفهوم رسم الحياة اليومية لم يصل إلى الشرق الوسط إلا في نهاية القرن التاسع عشر. لذا فإن عملا لرسّام أوربّي هو غالبا احد الخيارات المتاحة والممكنة.
كما أن جامعي تلك اللوحات من الخليجيين خاصّة يبدون منجذبين إلى أسلوب الرسم الواقعي. وهناك عامل آخر ربّما يفسّر إقبالهم على شراء هذه النوعية من اللوحات يتمثّل في أنها، أي اللوحات، لا تصوّرهم ولا تتناول تفاصيل حياتهم.
فطوال القرن التاسع عشر ظلّت السعودية، والخليج بشكل عام، منطقة مغلقة في وجوه الأوربيين، خلافا لما كان عليه الحال في بقيّة بلدان المشرق العربي وتركيا التي كانت واقعة تحت الاستعمار الغربي.



الفكرة الشائعة هي أن الخليجيين قد يكونون أكثر تسامحا مع مشاهد الشرق التي ابتكرها الرسّامون الأوربيون وسجّلوها في أعمالهم. وبعض النقّاد يقولون إن الفنّ الاستشراقي يشبع رغبة كامنة لدى الكثير من مقتنيه الذين يتوقون لرؤية مناظر تصوّر جوانب من الحياة العربية وتحمل في نفس الوقت طابع العالمية.
وبطبيعة الحال، هناك القاعدة الفنّية القديمة التي تقول إن اللوحة تبيع جيّدا وتروق للعين أكثر إذا كانت تتضمّن صورة فتاة جميلة.
ويقال إن جامعي هذه اللوحات من المسلمين يتجنّبون عادة إغراء مشاهد الحريم المغرية و"الفاسقة". وتبعا لذلك فإن المنطق يملي عليهم أن يتوخّوا الدقّة في اختيار نوعية اللوحات التي يريدون اقتناءها.
ومع ذلك، فإن نظرة سريعة إلى سجلات مزادات البيع تقول إن هذا الافتراض ليس في مكانه تماما. فعندما طرح تاجر السلاح السوري أكرم عجّة مجموعته الفنية للبيع في مزاد كريستيز عام 1999م اتضح أنها مليئة بصور الحريم والمحظيّات.
الغريب انه لا يوجد رسّام أوربّي واحد ذكر انه رأى الحريم عيانا أو في الحياة الواقعية، على الرغم من أن الكثيرين منهم كانت تنتابهم الأوهام والتخيّلات الكثيرة عنهنّ وعن أسلوب حياتهن.



كان الأوربيون ينظرون إلى الحريم كتجسيد لقوّة وقمع المجتمع الشرقي. كان هناك مئات الرقيق اللاتي يُستخدمن للجنس ومن اجل إشباع نزوات السلاطين والأمراء. وقد تخيّل الرسّام الفرنسي جان ليون جيروم حياة الحريم عبر دخان الاراغيل. ونساؤه، العاريات غالبا، يظهرن على أطراف برك الماء وهنّ يتبادلن في ما بينهن الأحاديث والنظرات المغرية.
التفاصيل الزخرفية للشرق، مثل الارابيسك والزجاج المعشّق والخطوط المذهّبة، هي التي أغرت الرسّامين البريطانيين في القرن التاسع عشر بالسفر إلى بلدان الشرق الأوسط لاكتشافها.
والرسّامون الانجليز الذين رست سفنهم على شواطئ الشرق وجدوا في البلدان المشرقية عالما خاصّا يصعب اختراقه أو فهمه.
ولم يستطيعوا الدخول إلى عالم الحريم كما لم يتمكّنوا من زيارة سوق العبيد. وأمام عالم الحريم المغلق والغامض، لم يكن أمام معظم الرسّامين سوى أن يطلقوا العنان لمخيّلتهم لتصوّر أسلوب حياة نساء القصور.
وقد لجأ احدهم إلى حيلة فريدة عندما جلب معه أخته التي تمكّنت من اختراق ذلك العالم الغامض ونقلت له بعض مشاهداتها التي رسمها على الورق.
ادوارد سعيد قال إن الشرق ابتكار غربي، وهو وصف ربّما ينطبق أكثر على الفنّانين الذين قصروا جهدهم على رسم الحريم. لكن هل كانت رسوماتهم مقدّمة لـ اجندا استعمارية كما قيل؟ هذا السؤال ما يزال مفتوحا على أكثر من إجابة واحتمال.
في حوالي العام 1873 زار فريدريك ليتون بلاد الشام. وبعد عودته إلى انجلترا رسم لوحته المعروفة درس في الموسيقى التي تظهر فيها امرأة تعلّم الموسيقى لطفلتها. ويظهر أن الرسّام أعطى الشخصيّتين في اللوحة ملامح أوربّية خالصة بينما اختار آلة موسيقية شرقية، فارسية أو تركية على الأرجح.
جون فريدريك لويس زار اسطنبول حوالي ذلك الوقت. وبعد عودته إلى لندن رسم لوحة بعنوان "الحريم" يصوّر فيها سيّدتين تجلسان في غرفة ذات ديكور شرقي وتراقبان قطّة منهمكة في ملاحقة شعرات من ريش طاووس. المنظر يمكن أن يكون تعبيرا عن الملل عندما يتحوّل إلى لحظات من الجمال والتأمّل. ومن الواضح أن فريدريك لم يستطع إخفاء الملامح الغربية لزوجته التي اختارها كموديل للمرأة الجالسة.
الرسّام الفرنسي ايتيان دينيه جعل الجزائر بلده الثاني، وقد تعلّم فيها العربية وغمر نفسه بالثقافة الجزائرية ثمّ اعتنق الإسلام وأدّى فريضة الحج وعاد في ما بعد ليموت في وطنه الجديد. وقد رسم دينيه مجموعة من اللوحات الجميلة التي تتناول جوانب من الحياة في الجزائر وبعضا من عادات وتقاليد أهلها.



ومؤخّرا بيعت لوحة للرسّام جان ليون جيروم بعنوان "شركسية ترتدي الخِمار" بأكثر من مليوني جنيه استرليني. وقد رسمها الفنّان بعد رحلات عديدة له إلى تركيا، وهي المكان الذي يقال إن اللوحة ذهبت إليه بعد شرائها.
هناك قطاعات معيّنة من الناس في الشرق الأوسط تعتبر اللوحات الاستشراقية بمثابة السجلّ البصري الوحيد عن ثقافة القرن التاسع عشر. ويمكن أن يكون هذا احد أسباب الاهتمام بتلك اللوحات في السوق الآن.
ومثل هذا النوع من اللوحات كان يثير الغضب في الشرق الأوسط ذي الطبيعة المحافظة، وكان الكثيرون يعتبرونه فنّا مسيئا.
لوحات ديلاكروا ورينوار وماتيس تصوّر هي أيضا مشاهد مثيرة ومغرية وغريبة تتناول مظاهر الحياة في البلدان العربية. نساء مغطّيات بالكاد، سحرة أفاع بمؤخرّات مكشوفة ورجال معمّمون ينتشرون حول الخيام.



في العام الماضي 2008 حقّقت مبيعات الرسومات الاستشراقية حوالي 70 مليون دولار في مزادات عديدة حول العالم. كما نظّمت دار سوذبي أوّل عمليات بيع للرسومات الشرقية في الدوحة عاصمة قطر. ويتزعّم جهود إعادة الاعتبار للوحات الشرقية تاجر اللوحات الفنية المصري شفيق جبر الذي يقال أنه يملك أكثر من تسعين لوحة ثمينة جمعها على امتداد أكثر من خمسة عشر عاما ويقدّر ثمنها بأكثر من 40 مليون دولار.
وجبر هو ابن ديبلوماسي وسفير سابق ويحمل درجة دكتوراة من جامعة لندن. وهو لا يرى أن الاستشراق ينطوي على أيّ إهانة أو إساءة للعرب أو الإسلام.
ومجموعته تتضمّن تحفا فنّية لعدد من ابرز رسّامي الشرق في القرنين التاسع عشر والعشرين مثل الفنّان الفرنسي جان ليون جيروم والألماني غوستاف بيرنفيند والأمريكي فريدريك آرثر بريدجمان والانجليزي جون فريدريك لويس .
ومن بين اللوحات المفضّلة لدى جبر لوحة بعنوان حارس القصر للرسّام النمساوي لودفيغ دويتش. وقد حقّقت هذه اللوحة أعلى سعر بيعت به لوحة استشراقية وهو ثلاثة ملايين ونصف المليون دولار. يُذكر أن دويتش رسم اللوحة عام 1892 وفيها يصوّر حارسا نوبيّا مسلّحا يقف أمام بوّابة احد القصور في القاهرة.



كما تضمّ مجموعته لوحة للرسّامة الدانمركية اليزابيث جيريكو باومان تظهر فيها عاملة خزف شرقية بعينين مسبلتين وشفاه حمراء مكتنزة وهي تجلس على حصير وترتدي لباساً اسود يشفّ عن انحناءات صدرها وثدييها.
لوحة جيروم باشي بازوك التي تصوّر جنديا تركيا مسلّحا بالخناجر والبنادق بيعت مؤخرا بحوالي مليون دولار. كما بيعت لوحة ادولف شراير "المطاردة" والتي تصوّر مجموعة من البدو في حالة سباق بمبلغ ربع مليون دولار.



في أمريكا، لم يكن الاستشراق موضوعا مرحّبا به كثيرا. كان الكثير من الأمريكيين ينظرون إليه باحتقار ويعتبرونه شيئا من الماضي. كان الاستشراق برأيهم عاطفيا كثيرا وأوربّيا أكثر من اللازم، بالإضافة إلى كونه غير صحيح من الناحية السياسية.
جامعو الأعمال الفنية من الأمريكيين لم يدخلوا سوق اللوحات الاستشراقية فعليا حتى منتصف التسعينات من القرن الماضي عندما ارتفعت الأسعار كثيرا لدرجة أن المستثمرين العرب فضّلوا الانسحاب.
ومنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر أصبحت اللوحات الاستشراقية في أمريكا اقلّ جاذبية.
وبعد الهجمات بسبعة أسابيع أوقفت دار كريستيز في نيويورك بيع مجموعة رائعة من 19 لوحة استشراقية. وقد بيعت منها بعد ذلك خمس لوحات فقط بسعر يقلّ كثيرا عن السعر الذي حُدّد لها أصلا.
وكلّ لوحة من اللوحات التي كانت مطروحة للبيع كانت تتضمّن ملمحا قتاليا من نوع ما. بعضها تصوّر محاربين من البدو وهم يجوسون خلال الصحراء، بينما تُظهِِر أخرى زعماء قبليين يعتمرون العمائم ويحتضنون مجموعة من الخناجر والبنادق. هذه المناظر ذكّرت الأمريكيين بما كانوا يرونه على شاشات التلفزيون في ذلك الوقت وجعلتهم يتوجّسون خيفة منها.
لكن بعد أيّام من ذلك، حقّقت دار سوذبي للمزادات الفنّية نتائج مختلفة عندما بيعت مجموعة من اللوحات الاستشراقية الأكثر احتشاما والأقلّ فخامة إلى مشترٍ مجهول أشيع وقتها انه أمير قطر الحالي.

Credits
arthistory.net